الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الأستاذة أمال قرامي تكتب للناشطة لينا ين مهني: اليوم تعلّمنا لينا كيف يمكن للمريض أن يتحرر من أسر الصمت والتكتم

نشر في  15 سبتمبر 2018  (19:33)

بقلم الأستاذة أمال قرامي

هل لنا أن نعطي لينا بن مهني دروسا في الجلد والصبر؟ هل بإمكاننا أن نقدّم لها نصائح بخصوص مقاومة العلل التي أصابت جسدها وروحها؟ هل تفيد عبارات من قبيل 'ربي معاك يا لينا نعرفوك قوية، 'اصمد لينا أحنا معاك'؟ ...
تختلف المواقع وتختلف تبعا لذلك الخطابات والتجارب 
لينا تكتب عن تجربة تفاعلها مع مرض مزمن ظلّت تؤجّل الحديث عنه لأنّ النضال على أرض الواقع السياسي الاجتماعي كان في نظرها مركزيا في حين كانت تجربتها مع المرض تمثل الهامش في سلم ترتيبها للأولويات 
اليوم تعلّمنا لينا كيف يمكن للمريض أن يتحرر من أسر الصمت، التكتم، الستر... الفردانية الموحشة... كيف يواجه الالم فيكتب وينكتب بالجسد ...
من حقّ لينا أن تعبّر عن علاقتها بجسدها وأن تتحدث عن تطور النظرة إلى هذا الجسد المتغير بنسق سريع ...
من حق لينا أن تصوّر تجربتها الحسية وأن تكشف عن طرق بناء علاقة مختلفة مع هذا الجسد ، مع الوجع ، الألم ، المعاناة ،البشاعة، القبح،...
من حق لينا أن تعرّي الآخرين أن تكشف عن مخاوفهم ، عن مللهم من الإصغاء إلى صوت يعبّر بشجاعة عن طريقة 'تعايشه' مع الضعف والانكسار عن رغباته ، عن أحلامه البسيطة ...

ولأنّ ثقافتنا تفتقر إلى نصوص تسرد تجارب الخوف من الجسد المتعب والمتألم والعليل والسقيم و....، ولأن ثقافتنا تعجّ بنصوص تسخر من العرجان والبرصان والعميان ... فتحولهم إلى مادة للضحك التندر فإنّ ما تنتجه لينا من تدوينات تؤرخ لتجارب جديدة يفصح المرء فيها عن نظرته لذاته، أحاسيسه ويشير فيها إلى نظرة الآخر له ، وتفاعله مع من تجرّأ على البوح والحكي عن مواضيع تربك، تزعج، تخيف...
الإشكال في قبولنا للآخر... الإشكال في تعاملنا مع المختلفين؟ الإشكال في رفضنا لحالات الضعف والانكسار والألم.... وتمثّلنا للمرض على أساس أنّه الغول الذي سيلتهمنا ....الإشكال في ذواتنا المعطوبة ...
اعذري جهلهم يا لينا... فهم لم ينشأوا على ثقافة احترام المختلف عنهم.. اعذري الجلف والسفيه و...فهو لم يتصالح مع جسده...
لينا ...ذاتا تنكبت بالوجع والأمل، بالضعف والقوّة.... ذاتا فكّكت الثنائيات المتقابلة وجعلت بنيتها تقوم على التجاور لا التنافر 
لينا يا حبّي ويا وجعي، ويا أملي
أحبّك مثلما أنت 
آمال قرامي